منتديات دريم كافيه

منتديات دريم كافيه (http://www.dream-cafeh.net/vb/index.php)
-   2014 (http://www.dream-cafeh.net/vb/forumdisplay.php?f=136)
-   -   التَّقْصِير فِي مُحَادَثة الصِّغَار مِن سِلْسِلة السُّلوك وَالتعَامُل 2013 2014 2015 (http://www.dream-cafeh.net/vb/showthread.php?t=114621)

عاشقة الجنه 03-20-2015 03:33 PM

التَّقْصِير فِي مُحَادَثة الصِّغَار مِن سِلْسِلة السُّلوك وَالتعَامُل 2013 2014 2015
 
التَّقْصِير فِي مُحَادَثة الصِّغَار مِن سِلْسِلة السُّلوك وَالتعَامُل
حصريا على دريم كافيه

2013 - 2014 - 2015 - 2016



بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيمالحَمْدُ لله وَالصَّلاَة وَالسَّلاَم عَلَى رَسُول اللهِ وَعَلَى آلهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدُ:إِخْوَانِي أَخَوَاتِي لِمَحَادَثَةِ المرَّبِي صِغَارَهُ فَائِدَةٌ عُظْمَى، وَللحِوَار الهَادِئ مَعَهُم أَهِمِّيَة كُبْرَى، وَلِتَعْلِيمِهِم آدَاب الحَدِيث وَطَرَائِقَهُ وَأَسَالِيَبَهُ ثَمَرَات جُلَّى؛ وَبِذَلِكَ يَنْمُو عَقْل الصَّغِير، وَتَتَوَّسَعُ مَدَارِكُه، وَيَزْدَادُ رَغْبَةً فِي الكَشْفِ عَنْ حَقَائِقِ الأُمُور، وَمُجْرَيَات الأَحْدَاث.كَمَا أَنَّ ذَلِكَ يُكْسِبُهُ الثِّقَة فِي نَفْسِهِ، وَيُوْرِثُهُ الجُرْأَة وَالشَّجَاعَة الأَدَبِيَّة، وَيُشْعِرُهُ بِالسَّعَادَة وَالطُمَئْنِينَة، وَالقُوَّة وَالاعْتِبَار.مِمَّا يُعِدُّهُ لِلبِنَاء وَالعَطَاء، وَيُؤَهِلُّهُ لأَن يَعِيشَ كَرِيمًا شُجَاعًا، صَرِيحًا فِي حَدِيثِهِ، جَرِئًا فِي طَرْحِ آرَاءِهِ.وَمَعَ أَهَمِيَّة هَذَا الأَمْر وَعِظَمِ فَائِدَتِهِ إِلاَّ أَنَّ هُنَاكَ تَقْصِيرًا كَبِيرًا فِيهِ؛ فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاس لاَ يَأْبَهُ فِي مُحَادَثَةِ صِغَارِهِ وَلاَ يُلْقِي بَالاً لِتَعْلِيمِهِم آدَاب الحَدِيثِ وَأَسَالِيبِهِ؛ فَتَرَاهُ لاَ يُصْغِي إِلَيْهِم إِذَا تَحَدَثُوا، وَلاَ يُجِيبُ عَن أَسْئِلَتِهِم إِذَا هُمْ سَأَلُوا، بَلْ رُبَّمَا كَذَّبَهُم إِذَا أَخْبَرُوا، وَنَهَرَهُم وَأَسْكَتَهُم إِذَا تَكَلَّمُوا.وَهَذَا مِنَ الخَلَلِ الفَادِحِ، وَالتَّقْصِيرِ الكَبِيرِ؛ فَهَذَا الصَّنِيع مِمَّا يُوَلِّدُ الخَوْف فِي نَفْسِ الصَّغِير، كَمَا يُوْرِثُهُ التَّرَدُّد، وَالذِّلَّة، وَالمَهَانَة، وَالخَجَل الشَّدِيد، وَفُقْدَانِ الثِّقَةِ بِالنَّفْسِ.بَلْ قَدْ يَجُر لَهُ أَضْرَارًا تُأَثِرُ فِي مُسْتَقْبَلِهِ وَمَسِيرَةِ حَيَاتِهِ؛ فَقَدْ يَعْجِزُ عَنِ الكَّلاَم، وَقَدْ يُصَابُ بِعُيُوبِ النُّطْقِ مِنْ فَأْفَأَةٍ، وَتَمْتَمَةٍ وَنَحْوِهَا.وَقَدْ يُصَابُ بِمَرَض، وَيُعَانِي مِنْ مُشْكِلاَت فَيْزَدَادُ مَرَضُه، وَتَتَضَاعَفُ مُشْكِلاَتُه؛ بِسَبَبِ عَجْزِهِ عَنِ الإِخْبَار عَمَّا أَصَابَهُ وَأَلمَّ بِهِ.وَقَدْ يُظْلَمُ أَوْ تُوَجَهُ لَهُ تُهْمَة، فَيُؤْخَذُ بِهَا مَعَ أَنَّهُ بَرِيء مِنْهَا؛ لِعَجْزِهِ عَنِ الدِّفاَع عَنْ نَفْسِهِ، وَعَنْ نَفْيِّ مَا عَلَقَ وَأُلْصِقَ بِهِ.وَقَدْ تَضْطَرُهُ الحَال لأَن يَتَكَلَّم أَمَامَ زُمَلاَئِهِ، فَيَرَى أَنَّ الأَلْفَاظ لاَ تُسْعِفُهُ؛ فَيَشْعُر بِالنَّقْصِ خُصُوصًا إِذَا وُجِدَ مَنْ يَسْخَرُ مِنْهُ.وَلِهَذَا كَانَ حَرِيَّا بِالمرَبِين -مِنْ وَالِدَيْن وَمُعَلِمِين وَغْيِرِهِم- أَنْ يَعْنُوا بِهَذَا الجَانِب، وَأَنْ يَرْعَوْهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ.فَيُحْسَن بِهِم إِذَا خَاطَبَهُم الصِّغَار أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِم، وَأَنْ يُصْغُوا إِلَى حَدِيثِهِم، وَأَنْ يُجِيبُوا عَنْ أَسْئِلَتِهِم، وَأَنْ يَنْأَوْا عَنْ كُلِّ مَا يُشْعِر بِاحْتِقَار الصِّغَار وَازْدِرَائِهِم.كَمَا يُحْسَن أَنْ يَشْعُر الصَّغِير بِأَهِمِيَّة حَدِيثِهِ، وَأَنْ يَظْهَر لَهُ الإِعْجَاب وَحُسْنُ المتَابَعَة، وَذَلِكَ بِإِصْدَار بَعْضِ الأَصْوَات أَوْ الحَرَكَات الَّتِي تُنَم عَنْ ذَلِك، كَأَنْ يقُول الكَبِير وَهُو يَسْتَمِع للصَّغِير: حَسَن، جَمِيل، رَائِع، نَعَمْ.أَوْ أَنْ يَقُول بِالهَمْهَمَة، أَوْ تَحْرِيك الرَّأس تَصْعِيدًا وَتَصْوِيبًا.بَلْ تُحْسَن المبَادَرَة فِي هَذَا الأَمْر، كَأَن يَعْمُد الكَبِير لاسْتِثَارَةِ صَغِيرِهِ كَيْ يَتَكَلَم، كَأَنْ يَسْأَلَه بَعْضُ الأَسْئِلَة اليَسِيرَة الَّتِي يَعْرِفُهَا الصَّغِير، فَيَقُولُ -عَلَى سَبِيلِ المثَال-: مَنْ رَبُّك؟ وَمَا دِينُك؟ وَمَنْ نَبِيك؟ أَوْ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ بَعْضِ الأُمُور الَّتِي يَرَاهَا أَوْ يَعْلَمُهَا مِنْ خِلاَلِ حَيَاتِهِ اليَّوْمِيَّة.كَذَلِك يَجْمُل فِي هَذَا الشَّأْن اسْتِشَارَة الصَّغِير فِي بَعْضِ الأُمُور اليَّسِيرَة؛ مِنْ بَابِ شَحْذِ قَرِيحَتَه، وَاسْتِخْرَاج مَا لَدَيْهِ مِن أَفْكَار وَإِعَانَتِهِ عَلَى التَّعْبِير عَنْهَا.كَأَن يَسْأَلَه عَنْ رَأْيِه فِي أَثَاث المنْزِل، أَوْ لَوْن السَّيَارَة، أَوْ زَمَانِ الرِّحْلَة، أَوْ مَكَانِهَا، وَنَحْوَ ذَلِك.ثُمَّ يُوَازِن بَيْنَ رَأْي الصَّغِير وَآرَاءِ إِخْوَانِهِ أَوْ زُمَلاَءِهِ، ثُمَّ يُطْلَبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يُبْدِي مَسُوغَتَه، وَأَسْبَاب اخْتِيَارِه لِهَذَا الرَّأْي أَوْ ذَاك.فَكَم فِي مِثْل هَذِهِ الأُمُور اليَسِيرَة مِنْ الأَثَر ِالعَظِيم وَالثَّمَرَات الجَلِيلَة.إِنَّ تَدْرِيب الصَّغِير عَلَى أَدَبِ المُحَادَثَة، وَتَعْوِيدِهِ عَلَى الحِوَار الهَادِئ وَالمنَاقَشَة الحُرَّة -يَقْفِزُ بِالمرَبِينَ إِلَى قِمَّة التَّرِبْيَّة وَالبِنَاء؛ فَبِسَبَبِ ذَلِك يَنْطَلِقُ الطِّفْل، وَيَسْتَطِيع التَّعْبِير عَنْ آرَاءِهِ، وَمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ، فَيَنْشَأُ حُرًّا كَرِيمًا أَبِيًّا، فَيَكُونُ فِي المسْتَقْبَلِ ذَا حُضُور مُمَيِّز، وَيَكُونُ لآرَاءِهِ صَدًى فِي النُّفُوس؛ لأَنَّهُ تَرَبَّى مُنْذُ الصِّغَر عَلَى آدَابِ الحَدِيثِ وَطَرَائِقِه.ثُمَّ إِنَّ هَذَا مِمَّا يُشْعِرُ الصِّغَار بِقِيمَتِهِم، وَمِمَّا يَسْتَثِيرُهُم لِتَحْرِيك أَذْهَانِهِم، وَشَحْذِ قَرَائِحِهِم، وَتَنْمِيَّة مَوَاهِبِهِم.-كَمَا أَنَّ فِيهِ تَدْرِيبًا لَهُم عَلَى حُسْنِ الاسْتِمَاع، وَالقُدْرَة عَلَى تَرْتِيبِ الأَفْكَار، وَحُسْن الاسْتِرْجَاع لِمَا مَضَى، وَفَهْمِ مَا يُلْقَى عَلْيِهِم مِنَ الآخَرُون.-كَمَا أَنَّ فِيهِ تَنْمِيَّة لِشَخْصِيَّة الصَّغِير، وَتَقْوِيَّة لِذَاكِرَتِهِم.-كَمَا أَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُهُم قُرْبًا وَمَحَبَّة لِوَالِدَيْهِ وَمُرَبِيهِ.هَذَا وَقَد وُجِدَ أَنَ الأَطْفَال الأَذْكِيَاء يَتَكَلَمُون أَسْرَعَ مِنَ الأَطْفَال الأَقَلُّ ذَكَاءً، وَوُجِدَ أَنَ الأَطْفَال المحْرُومِين عَاطِفِيًا، وَالذِّين لاَ يُكَلِّمُوهُم آبَائُهُم وَأُمَّهَاتِهِم إِلاَّ نَاذِرًا- أَنَّهُم يَكُونُون أَقَلُّ قُدْرَة عَلَى الكَلاَم مِن الذِين يُلاَطفِهُم وَالِدِيهِم.وَلَيْس المقْصُود مِمَّا مَضَى أَن يُسْرَف فِي إِعْطَاء الحرِّيَة المطْلَقَة للصَغِير، فَيُلْقَى لَهُ الحَبْل عَلَى الغَارِب، وَيُفْتَح البَّاب عَلَى مَصْرَعَيْه، فَيُسْمَحُ لَهُ بِالصَفَاقَة وَالوَقَاحَة، وُيْرَضَى عَن تَطَاوَلُه وَإِسَاءَتِه، وَيُضْحَكُ لَهُ إِذَا صَدَر مِنْه عِبَارَات نَابِيَة أَوْ كَلِمَات سَاقِطَة؛ زَعَمًا أَنَّ ذَلِك مِنْ بَابِ إِعْطَاءِهِ الفُرْصَة وَتَدْرِيبِهِ عَلَى الكَلاَم!!!!!لاَ، لَيْسَ الأَمْرُ كَذَلِك؛ فَالرِّضَا عَنْ سَفَاهَتِهِ وَتَطَاوُلِهِ يُغْرِيهِ بِقِلَّةِ الأَدَبِ، وَالضَّحِك لَهُ عَلَى صُدُورِ الكَلِمَات القَبِيحَة مِنْهُ يَعَدُّ تَحْفِيزًا لَهُ بِتِكْرَارِهَا.المقْصُود أَنْ يُؤْخَذ بِيَدِهِ إِلَى الآدَاب المرْعِيَّة، وَأَنْ يُدَرَّبُ عَلَى الكَلاَم فِي حُدُودِ الأَدَبِ وَاللِّيَاقَة بَعِيدًا عَن الإِسْفَاف وَالصَفَاقَة.منقول
بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيم




الحَمْدُ لله وَالصَّلاَة وَالسَّلاَم عَلَى رَسُول اللهِ وَعَلَى آلهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدُ:




إِخْوَانِي أَخَوَاتِي لِمَحَادَثَةِ المرَّبِي صِغَارَهُ فَائِدَةٌ عُظْمَى، وَللحِوَار الهَادِئ مَعَهُم أَهِمِّيَة كُبْرَى، وَلِتَعْلِيمِهِم آدَاب الحَدِيث وَطَرَائِقَهُ وَأَسَالِيَبَهُ ثَمَرَات جُلَّى؛ وَبِذَلِكَ يَنْمُو عَقْل الصَّغِير، وَتَتَوَّسَعُ مَدَارِكُه، وَيَزْدَادُ رَغْبَةً فِي الكَشْفِ عَنْ حَقَائِقِ الأُمُور، وَمُجْرَيَات الأَحْدَاث.



كَمَا أَنَّ ذَلِكَ يُكْسِبُهُ الثِّقَة فِي نَفْسِهِ، وَيُوْرِثُهُ الجُرْأَة وَالشَّجَاعَة الأَدَبِيَّة، وَيُشْعِرُهُ بِالسَّعَادَة وَالطُمَئْنِينَة، وَالقُوَّة وَالاعْتِبَار.



مِمَّا يُعِدُّهُ لِلبِنَاء وَالعَطَاء، وَيُؤَهِلُّهُ لأَن يَعِيشَ كَرِيمًا شُجَاعًا، صَرِيحًا فِي حَدِيثِهِ، جَرِئًا فِي طَرْحِ آرَاءِهِ.



وَمَعَ أَهَمِيَّة هَذَا الأَمْر وَعِظَمِ فَائِدَتِهِ إِلاَّ أَنَّ هُنَاكَ تَقْصِيرًا كَبِيرًا فِيهِ؛ فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاس لاَ يَأْبَهُ فِي مُحَادَثَةِ صِغَارِهِ وَلاَ يُلْقِي بَالاً لِتَعْلِيمِهِم آدَاب الحَدِيثِ وَأَسَالِيبِهِ؛ فَتَرَاهُ لاَ يُصْغِي إِلَيْهِم إِذَا تَحَدَثُوا، وَلاَ يُجِيبُ عَن أَسْئِلَتِهِم إِذَا هُمْ سَأَلُوا، بَلْ رُبَّمَا كَذَّبَهُم إِذَا أَخْبَرُوا، وَنَهَرَهُم وَأَسْكَتَهُم إِذَا تَكَلَّمُوا.



وَهَذَا مِنَ الخَلَلِ الفَادِحِ، وَالتَّقْصِيرِ الكَبِيرِ؛ فَهَذَا الصَّنِيع مِمَّا يُوَلِّدُ الخَوْف فِي نَفْسِ الصَّغِير، كَمَا يُوْرِثُهُ التَّرَدُّد، وَالذِّلَّة، وَالمَهَانَة، وَالخَجَل الشَّدِيد، وَفُقْدَانِ الثِّقَةِ بِالنَّفْسِ.



بَلْ قَدْ يَجُر لَهُ أَضْرَارًا تُأَثِرُ فِي مُسْتَقْبَلِهِ وَمَسِيرَةِ حَيَاتِهِ؛ فَقَدْ يَعْجِزُ عَنِ الكَّلاَم، وَقَدْ يُصَابُ بِعُيُوبِ النُّطْقِ مِنْ فَأْفَأَةٍ، وَتَمْتَمَةٍ وَنَحْوِهَا.



وَقَدْ يُصَابُ بِمَرَض، وَيُعَانِي مِنْ مُشْكِلاَت فَيْزَدَادُ مَرَضُه، وَتَتَضَاعَفُ مُشْكِلاَتُه؛ بِسَبَبِ عَجْزِهِ عَنِ الإِخْبَار عَمَّا أَصَابَهُ وَأَلمَّ بِهِ.



وَقَدْ يُظْلَمُ أَوْ تُوَجَهُ لَهُ تُهْمَة، فَيُؤْخَذُ بِهَا مَعَ أَنَّهُ بَرِيء مِنْهَا؛ لِعَجْزِهِ عَنِ الدِّفاَع عَنْ نَفْسِهِ، وَعَنْ نَفْيِّ مَا عَلَقَ وَأُلْصِقَ بِهِ.



وَقَدْ تَضْطَرُهُ الحَال لأَن يَتَكَلَّم أَمَامَ زُمَلاَئِهِ، فَيَرَى أَنَّ الأَلْفَاظ لاَ تُسْعِفُهُ؛ فَيَشْعُر بِالنَّقْصِ خُصُوصًا إِذَا وُجِدَ مَنْ يَسْخَرُ مِنْهُ.



وَلِهَذَا كَانَ حَرِيَّا بِالمرَبِين -مِنْ وَالِدَيْن وَمُعَلِمِين وَغْيِرِهِم- أَنْ يَعْنُوا بِهَذَا الجَانِب، وَأَنْ يَرْعَوْهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ.



فَيُحْسَن بِهِم إِذَا خَاطَبَهُم الصِّغَار أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِم، وَأَنْ يُصْغُوا إِلَى حَدِيثِهِم، وَأَنْ يُجِيبُوا عَنْ أَسْئِلَتِهِم، وَأَنْ يَنْأَوْا عَنْ كُلِّ مَا يُشْعِر بِاحْتِقَار الصِّغَار وَازْدِرَائِهِم.



كَمَا يُحْسَن أَنْ يَشْعُر الصَّغِير بِأَهِمِيَّة حَدِيثِهِ، وَأَنْ يَظْهَر لَهُ الإِعْجَاب وَحُسْنُ المتَابَعَة، وَذَلِكَ بِإِصْدَار بَعْضِ الأَصْوَات أَوْ الحَرَكَات الَّتِي تُنَم عَنْ ذَلِك، كَأَنْ يقُول الكَبِير وَهُو يَسْتَمِع للصَّغِير: حَسَن، جَمِيل، رَائِع، نَعَمْ.



أَوْ أَنْ يَقُول بِالهَمْهَمَة، أَوْ تَحْرِيك الرَّأس تَصْعِيدًا وَتَصْوِيبًا.



بَلْ تُحْسَن المبَادَرَة فِي هَذَا الأَمْر، كَأَن يَعْمُد الكَبِير لاسْتِثَارَةِ صَغِيرِهِ كَيْ يَتَكَلَم، كَأَنْ يَسْأَلَه بَعْضُ الأَسْئِلَة اليَسِيرَة الَّتِي يَعْرِفُهَا الصَّغِير، فَيَقُولُ -عَلَى سَبِيلِ المثَال-: مَنْ رَبُّك؟ وَمَا دِينُك؟ وَمَنْ نَبِيك؟ أَوْ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ بَعْضِ الأُمُور الَّتِي يَرَاهَا أَوْ يَعْلَمُهَا مِنْ خِلاَلِ حَيَاتِهِ اليَّوْمِيَّة.



كَذَلِك يَجْمُل فِي هَذَا الشَّأْن اسْتِشَارَة الصَّغِير فِي بَعْضِ الأُمُور اليَّسِيرَة؛ مِنْ بَابِ شَحْذِ قَرِيحَتَه، وَاسْتِخْرَاج مَا لَدَيْهِ مِن أَفْكَار وَإِعَانَتِهِ عَلَى التَّعْبِير عَنْهَا.



كَأَن يَسْأَلَه عَنْ رَأْيِه فِي أَثَاث المنْزِل، أَوْ لَوْن السَّيَارَة، أَوْ زَمَانِ الرِّحْلَة، أَوْ مَكَانِهَا، وَنَحْوَ ذَلِك.



ثُمَّ يُوَازِن بَيْنَ رَأْي الصَّغِير وَآرَاءِ إِخْوَانِهِ أَوْ زُمَلاَءِهِ، ثُمَّ يُطْلَبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يُبْدِي مَسُوغَتَه، وَأَسْبَاب اخْتِيَارِه لِهَذَا الرَّأْي أَوْ ذَاك.



فَكَم فِي مِثْل هَذِهِ الأُمُور اليَسِيرَة مِنْ الأَثَر ِالعَظِيم وَالثَّمَرَات الجَلِيلَة.



إِنَّ تَدْرِيب الصَّغِير عَلَى أَدَبِ المُحَادَثَة، وَتَعْوِيدِهِ عَلَى الحِوَار الهَادِئ وَالمنَاقَشَة الحُرَّة -يَقْفِزُ بِالمرَبِينَ إِلَى قِمَّة التَّرِبْيَّة وَالبِنَاء؛ فَبِسَبَبِ ذَلِك يَنْطَلِقُ الطِّفْل، وَيَسْتَطِيع التَّعْبِير عَنْ آرَاءِهِ، وَمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ، فَيَنْشَأُ حُرًّا كَرِيمًا أَبِيًّا، فَيَكُونُ فِي المسْتَقْبَلِ ذَا حُضُور مُمَيِّز، وَيَكُونُ لآرَاءِهِ صَدًى فِي النُّفُوس؛ لأَنَّهُ تَرَبَّى مُنْذُ الصِّغَر عَلَى آدَابِ الحَدِيثِ وَطَرَائِقِه.



ثُمَّ إِنَّ هَذَا مِمَّا يُشْعِرُ الصِّغَار بِقِيمَتِهِم، وَمِمَّا يَسْتَثِيرُهُم لِتَحْرِيك أَذْهَانِهِم، وَشَحْذِ قَرَائِحِهِم، وَتَنْمِيَّة مَوَاهِبِهِم.



-كَمَا أَنَّ فِيهِ تَدْرِيبًا لَهُم عَلَى حُسْنِ الاسْتِمَاع، وَالقُدْرَة عَلَى تَرْتِيبِ الأَفْكَار، وَحُسْن الاسْتِرْجَاع لِمَا مَضَى، وَفَهْمِ مَا يُلْقَى عَلْيِهِم مِنَ الآخَرُون.

-كَمَا أَنَّ فِيهِ تَنْمِيَّة لِشَخْصِيَّة الصَّغِير، وَتَقْوِيَّة لِذَاكِرَتِهِم.

-كَمَا أَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُهُم قُرْبًا وَمَحَبَّة لِوَالِدَيْهِ وَمُرَبِيهِ.



هَذَا وَقَد وُجِدَ أَنَ الأَطْفَال الأَذْكِيَاء يَتَكَلَمُون أَسْرَعَ مِنَ الأَطْفَال الأَقَلُّ ذَكَاءً، وَوُجِدَ أَنَ الأَطْفَال المحْرُومِين عَاطِفِيًا، وَالذِّين لاَ يُكَلِّمُوهُم آبَائُهُم وَأُمَّهَاتِهِم إِلاَّ نَاذِرًا- أَنَّهُم يَكُونُون أَقَلُّ قُدْرَة عَلَى الكَلاَم مِن الذِين يُلاَطفِهُم وَالِدِيهِم.



وَلَيْس المقْصُود مِمَّا مَضَى أَن يُسْرَف فِي إِعْطَاء الحرِّيَة المطْلَقَة للصَغِير، فَيُلْقَى لَهُ الحَبْل عَلَى الغَارِب، وَيُفْتَح البَّاب عَلَى مَصْرَعَيْه، فَيُسْمَحُ لَهُ بِالصَفَاقَة وَالوَقَاحَة، وُيْرَضَى عَن تَطَاوَلُه وَإِسَاءَتِه، وَيُضْحَكُ لَهُ إِذَا صَدَر مِنْه عِبَارَات نَابِيَة أَوْ كَلِمَات سَاقِطَة؛ زَعَمًا أَنَّ ذَلِك مِنْ بَابِ إِعْطَاءِهِ الفُرْصَة وَتَدْرِيبِهِ عَلَى الكَلاَم!!!!!



لاَ، لَيْسَ الأَمْرُ كَذَلِك؛ فَالرِّضَا عَنْ سَفَاهَتِهِ وَتَطَاوُلِهِ يُغْرِيهِ بِقِلَّةِ الأَدَبِ، وَالضَّحِك لَهُ عَلَى صُدُورِ الكَلِمَات القَبِيحَة مِنْهُ يَعَدُّ تَحْفِيزًا لَهُ بِتِكْرَارِهَا.



المقْصُود أَنْ يُؤْخَذ بِيَدِهِ إِلَى الآدَاب المرْعِيَّة، وَأَنْ يُدَرَّبُ عَلَى الكَلاَم فِي حُدُودِ الأَدَبِ وَاللِّيَاقَة بَعِيدًا عَن الإِسْفَاف وَالصَفَاقَة.


منقول





2013 - 2014 - 2015 - 2016


الساعة الآن 03:18 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By khloool

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

P.F.S. √ 1.1 BY: ! αʟαм ! © 2010