الحياء خلق كريم
- - - - - - -
www.dream-cafeh.net
- - - - - - -
الحياء شعبة من شعب الإيمان كما يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان»
والحياء خلق كريم يبعث على اجتناب القبيح ويمنع من التقصير في حق ذوي الحقوق، وينشأ عن الخوف من الله، واستشعار مراقبته. وفي اللغة هو تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يُعاب به. وهو يعصم المرء من مزالق الشر، ويُفضي إلى مسالك البر والفضيلة والخير.
والحياء، خُلُقٌ دعت إليه الرسالات السماوية جميعاً، يقول رسول الله (ص): «إن مما أدرك النَّاس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِي فاصنع ما شئت» أي أن من لم يستح، دعاه تركُ الحياء إلى أن يعمل ما يشاء، لا يردعه عنه رادع.
ومن أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام في الحياء أنه قال:
»الحياء كله خير»
»الحياء لا يأتي إلا بخير»
»إن الحياء والإيمان قُرِنا جميعاً، فإذا رُفِعَ أحدُهما رُفِعَ الآخر»
»إن لكلّ دينٍ خُلُقاً، وخُلُقُ الإسلام الحياء»
مرّ رسول الله برجل من الأنصار وهو يعظ أخاه بالتخفيف من حيائه، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «دعه فإن الحياء من الإيمان»
يقول الشاعر:
إذا لم تخش عاقبة الليالي فلا والله ما في العيش خيرٌ
يعيش المرء ما استحيا بخيرٍ ولم تستح فاصنع ما تشاءُ
ولا الدنيا إذا ذهب الحياءُ ويبقى العود ما بقي اللحاءُ
(واللحاء هو قشر الشجر).
والحياء في الإنسان على ثلاثة أوجه: حياءٌ من الله تعالى، وحياء من الناس، وحياء من النفس.
والحياء من الله تعالى هو أن يمتلئ قلب المؤمن بالخوف والمهابة من الله والخشوع بين يديه، وأن تمتلئ نفسه بالوقار والتعظيم له؛ فلا يرتكب المعاصي، أو يجاهر بها، ولا يفعل القبائح والرذائل، لأنه يعلم أن الله مُطَّلِعٌ عليه يسمعه ويراه فإذا ما وقع في معصية أو ذنب، دفعه حياؤه إلى ذكر الله والاستغفار والتوبة والندم. وقد روى الترمذي وأحمد أن رسول الله (ص) قال لأصحابه: «استحيوا من الله حق الحياء»، فقالوا: إنا نستحيي والحمد لله، قال: «ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبِلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء»
يروى أن رجلاً جاء إلى إبراهيم بن أدهم، فقال له: «يا إمام، أريد أن أتوب وأن أترك الذنوب، وإذا بي أعود إليها، دلني على أشياء تعصمني فلا أعصي الله». فقال له إبراهيم بن أدهم: «إن أردت أن تعصي الله فلا تعصه على أرضه!» فقال الرجل: كيف يا إمام والأرض كلها لله؟، فقال إبراهيم: «أما تستحيي أن تكون الأرض كلها لله وتعصيه على أرضه؟»، ثم قال إبراهيم: «وإن أردت أن تعصيه فلا تأكل من رزقه»، قال الرجل: «فكيف أحيا وكل الرزق رزق الله؟»، فقال إبراهيم: «أما تستحيي أن تأكل من رزقه ثم تعصيه؟»، ثم قال إبراهيم: «فإن أبيت إلا أن تعصي الله فاعْصِهِ في مكان لا يراك فيه!»، فقال الرجل: «فكيف ذلك وهو معنا أينما كنا؟»، فقال إبراهيم: «أما تستحيي أن تعصيه وهو معك قريب منك؟»، ثم قال إبراهيم: «فإن أبيت إلا أن تعصي الله، فإن جاءك ملك الموت ليأخذ روحك، فقل له: أنظرني حتى أتوب!» فقال الرجل: «ومن يملك ذلك؟»، فقال إبراهيم: «أما تستحيي أن يأتي ملك الموت ويأخذ روحك وأنت على المعصية؟»، ثم قال إبراهيم: «فإن أبيت إلا أن تعصي الله، فإذا جاءتك زبانية جهنّم يأخذونك إلى النار فقل لهم لن أذهب معكم»، فقال الرجل: «وكيف ذلك يا إمام؟»، فقال إبراهيم: «أما تستحيي من الله بعد كل هذا؟».
والحياء من الناس يكون بعدم التقصير في حقوقهم وعدم إنكار معروفهم، أو مخاطبتهم أو معاملتهم بسوء، كما يكون في غض البصر عن الحرام، وعدم استعمال الكلام الفاحش، أو القيام بتصرفات بذيئة تؤذي الناس. يقول رسول الله (ص): «الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء (أي سوء الأدب) من الجفاء (أي غلظة القلب)، والجفاء في النار»وعن أبي سعيد الخدري قال: «كان رسول الله (ص) أشد حياءً من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئاً يكرهه عرفناه في وجهه»
يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إن الله عز وجل إذا أراد أن يهلك عبداً نـزع منه الحياء، فإذا نـزع منه الحياء لم تَلْقَهُ إلا مَقيتا مُمَقَّتاً، فإذا لم تلقه إلا مقيتا ممقتاً، نُـزِعَتْ منه الأمانة، فإذا نـزعت منه الأمانة، لم تلقه إلا خائناً مُخَوَّناً، فإذا لم تلقه إلا خائناً مخوناً نـزعت منه الرحمة، فإذا نـزعت منه الرحمة لم تلقه إلا رَجيماً ملَعَّناً، فإذا لم تلقه إلا رجيماً مُلَعَّناً نـزعت منه رِبْقَةُ الإسلام»
أما حياء الإنسان من نفسه، فيكون بالعفة وصيانة الخلوات. قال بعض الحكماء: «ليكن استحياؤك من نفسك أكثر من استحيائك من غيرك». ويقول بعض الأدباء: «من عمل في السر عملاً يستحيي منه في العلانية، فليس لِنَفْسِهِ عِندَهُ قدر».
لذلك كان الحياء شعبة من الإيمان، ومن تمتع به فقد صفت سريرته وسَمَتْ عِشْرَتُه وحَسُنَ خُلُقُه.
hgpdhx ogr ;vdl hgodhg pgr
|