![]() |
سيدُّنا عليٍ عليهِ السَّلام -1 !! 2013 2014 2015
سيدُّنا عليٍ عليهِ السَّلام -1 !!
حصريا على دريم كافيه 2013 - 2014 - 2015 - 2016 *سيدُّنا عليٍ عليهِ السَّلام - 1 **سيرة**سيدّنا عليٍّ بن أبي طالبٍ عليهِ السَّلام**مِنْ دروسٍ**لفضيلةِ الدكتور : محمد راتب النابلسي**حفظه الله تعالى وبارك فيه وبارك في علمه وعمره آمين.**بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ**الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ , والصَّلاة والسَّلام على سيدِّنا مُحمَّدٍ الصَّادقِ الوعدِ الأمينِ , اللهمَّ لا علمَ لنا ، إلا ما علمتنا ، إنكَ أنتَ العليم الحكيم , اللهمَّ علمنا ما ينفعنا , وانفعنا بما علمتنا , وزدنا علماً , وأرنا الحقّ حقّاً , وارزقنا اتباعه , وأرنا الباطل باطلاً , وارزقنا اجتنابه , واجعلنا مِمَنْ يستمعونَ القول فيتبعونَ أحسنهُ , وأدخلنا برحمتكَ في عبادكَ الصَّالحينَ** .**أُنظرْ كيف تتلاقى الفطرة مع الحقِّ ؟**سيرة الخليفة الراشد ، عليّ كرَّم اللهُ وجهُ , هذا الإمام الفتى ، الذي كانَ أصغرَ ، مَنْ آمنَ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، يومَ كانَ بمكة ، وقبل الهجرة ، لهُ منبتٌ عتيد ، له أبٌ اسمه : أبو طالب ، وجدٌ اسمه : عبد المطلب ، وجميلٌ بنا ، أنْ نقف وقفتينِ ، عندَ هذينِ الأبوينِ ، لهذا الإمام الجليل ، لأننا لو درسنا حياة هذينِ الأبوينِ لوجدنا , ماذا تعني كلمة الفطرة ، التي فُطِر الناس عليها ؟**فهذا الأب الجليل : أبو طالب ، والد سيدّنا عليّ ، حينما كان**َ** على فراشِ الموتِ ، أوصاهم بهذهِ الوصيةِ ، وانظروا أيَّها الأخوة , كيفَ أنَّ الإنسانَ حينما ، تصفو نفسهُ ، تلوح لهُ الحقيقة ؟ فحياتنا مِنْ كثرةِ التعقيدِ ، ومِنْ كثرةِ القيلِ والقالِ ، ومِنْ كثرةِ المُشكلاتِ ، عكَّرت صفاء فطرتنا ، فهذا الأب الكريم ، وهو على فراشِ الموتِ , يقولُ : " أوصيكم بتعظيمِ هذا البيتِ ، فإنَّ فيهِ مرضاة الرَّب ، وقوام العيشِ " , هذا الرَّجل : لمْ تصلْه دعوة ، بلْ عاشَ على الفطرةِ ، " صِلُوا أرحامكم ولا تقطعوها ، فإنَّ صلةَ الرَّحمِ ـــ منسأةٌ في الأجلِ ، اتركوا البغي ، فقدْ أهلكَ القرونَ مِن قبلكم ", البغي : هو العُدوان ، البغي : هو تجاوز الحد ، البغي : هو الظُلم ، والظلم : ظلماتٌ ، كما تعلمونَ .**" يا معشرَ قريشٍ : أجيبوا الدَّاعي ، وأعطوا السائل ، فإنَّ فيهما شرفَ الحياةِ ، وشرفَ المماتِ ", دُعيتَ إلى شيءٍ ــ فأجبْ ، سُئِلتَ ــ فأعطِ ، دُعيتَ إلى حقيقةٍ ناصعةٍ ــ تقبَّلْ ، دُعيتَ إلى خيرٍ عميمٍ ــ فافعلْ ، " عليكم بصدقِ الحديثِ ، وأداءِ الأمانةِ ، ألا وإني ، أوصيكم بمُحمَّدٍ خيراً " , بالفطرة : رأى فتى صادقاً ، أميناً يدعو إلى الخيرِ ، ما جرَّب عليهِ ، قومهُ كذباً قط .**أيَّها الأخوة **: السَّيدة خديجة ، قالتْ للَّنبيِّ عليهِ الصَّلاة والسَّلام ، يومَ جاءهُ الوحي : " **واللهِ لا يخزيكَ اللهُ أبداً ، إنكَ تصل الرَّحم ، وتقري الضيف ، وتحمل الكلّ ، وتعين على نوائبِ الدَّهرِ ، فوَ اللهِ لنْ يخزيكَ اللهُ أبداً **" .**كيفَ عَرَفَتْ هذهِ الحقيقةِ **؟**الجواب** : أيها الأخوة : أنَّ فطرةَ هذهِ المرأة سليمة ، وكلّ واحدٍ منكم ، لو رأى ببساطةٍ بالغة ، شاباً مُستقيماً ، صادقاً أميناً ، مُنضبطَ المشاعر ، مُنضبط الجوارح ، يسعى لخيرِ الناسِ ، ينصحهم ، يعين ضعيفهم ، يغني فقيرهم ، يقدِّم لهم كلَّ ما في وسعهِ ، فإنّ أحدكم ، يحكم ، بأنَّ خالقَ الكون ، سيتولى هذا الشَّاب بالتوفيقِ ، والتأييدِ ، والنصرِ ، لأنَّ اللهَ سُبحانهُ وتعالى يقول : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً ﴾ ( سورة الكهف الآية : 30 ).**أيها الأخوة **: ما أردتُ ، حينَ اتخذتُ مِن والد سيدِّنا عليّ كرَّمَ اللهُ وجههُ ، وهو عمّ النَّبيّ ، ومنْ أبيهِ عبد المطلب ، وهو جد النَّبيّ ، إلا لأريكم ، كيفَ أنَّ الفطرةَ السَّليمة ، تلتقي مع حقائقِ الدِّينِ ، لقاءً عفوياً ؟ وأنتَ أيُّها الأخ الكريم : بإمكانك أنْ ، تستنتج هذهِ الحقيقةِ ، استقمْ على أمرِ اللهِ ، انصحْ ، اخْدُمْ ، وقدمْ كلَّ ، ما في وسعكَ لخيرِ البشريةِ , " فوَ الله لا يخزيكَ اللهُ أبداً " ، ليسَ في الكونِ إلا الله .**وصيّة أبو طالب عندَ المُوتِ لذويهِ باتباعِ مُحمَّد :**عندما ، سألَ النجاشي ، سيدّنا جعفرًا رضيَ اللهُ عنهُ ، عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، ماذا قالَ ؟ قالَ : ببساطةٍ : " أَيُّهَا الْمَلِكُ ، كُنَّا قَوْمًا ، أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَنُسِيء الْجِوَارَ ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا ، رَسُولًا مِنَّا ، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا : إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا ، مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ ، وَأَمَرَ بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ، وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ ، لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ ، قَالَ : فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ ، فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ ، عَلَى مَا جَاءَ بِهِ ، فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ ، فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا ، وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا ، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا ، فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا ــ فَعَذَّبُونَا ـــ فَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا ، لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ، مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ ، وَأَنْ نَسْتَحِلَّ ، مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ الْخَبَائِثِ ، وَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَشَقُّوا عَلَيْنَا ، وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا ، خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ ، وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ ، وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ ، وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ " . ( أخرجه أحمد : عَنْ أُمِّ سَلَمَة ، في مسنده ).**عفّةٌ عنْ المَحارم**ِ **، عفّةٌ عنْ المطامعِ ، نسبٌ عريقٌ ، كريمٌ بن كريم بن كريم بن كريم ، ما عرفَ النَّبيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، في سلالتهِ الطاهرة ِ، إلا كلَّ محتدٍ عريق ونسبٍ عظيم ٍ.**قالَ أبو طالب **: " ألا وإنِّي ، أوصيكم بمُحمّدٍ خيراً ، فإنّهُ الأمين ، في قريشٍ والصّادق في العربِ ، وهو الجامع لكلِّ ما أوصيكم بهِ ، وقدْ جاءنا بأمرٍ ، قبلهُ الجنان ، وأنكرهُ اللسان " , القلب قَبِلَه ، لأنَّ الذي جاءَ بهِ النَّبيّ عليه الصَّلاة والسَّلام مُطابقٌ للفطرةِ ، جاءنا بأمرٍ مُطابقٍ للعقلِ ، مُطابقٍ للخيرِ ، مُطابقٍ للحقِّ , هذا حال قريشِ ، حينما تلقَّتْ دعوة النَّبيِّ ، قلبها قبلَ هذهِ الدّعوة ِ، ولسانها أنكرَ هذهِ الدّعوة ، مخافة ، أنْ تدع دين آبائها وأجدادها ، و يخسر زعماؤها مراكزَهم , " وايم اللهِ : لكأنِّي ، أنظرُ إلى صعاليكِ العربِ ، وأهلِ الأطرافِ ، والمُستضعفينَ منْ الناسِ ، قدْ أجابوا دعوته ، وصدَّقوا كلمته ، وعظَّموا أمره ، فخاضَ بهم غمرات الموتِ ، ولكأنِّي بهِ ، وقدْ محضتهُ العرب ودادها ، وأعطتهُ قيادها " .**ما هذا التنبُّؤ ؟ ما هذا الإدراك العميق ؟ ما هذا الاستشفاف للمُستقبل ؟ لذلك الصعلوك ، الذي لا يعرف أحدٌ نسبهُ ، إذا عرفَ الله عزَّ وجلَّ ــــ رفعهُ اللهُ ، إلى أعلى عليين ، وخفض مَنْ زها ، على الناسِ بنسبهِ وبمالهِ وبمكانتهِ ــــــ إلى أسفلِ سافلينَ** .**منْ هو صهيبٌ ؟ ومنْ هو بلالٌ ؟ ومنْ هم هؤلاءِ الصّحابةِ ، الفقراء الصّغار ، الذين كانوا مُستضعفينَ في الأرضِ ؟ كلماتٌ بليغةٌ بليغة ، دقيقةٌ دقيقة ، عميقةٌ عميقة : قالها أبو طالب ، عمّ النَّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وهو على فراشِ الموتِ , وهو والد سيدّنا عليّ كرَّم اللهُ وجههُ** ، يقول أبو طالب :**" والله لا يسلك أحدٌ سبيله إلا رشد ، ولا يهتدي بهديه إلا سعد ، ولو كان في العمر بقية ، لكففتُ عنه الهزاهز ، ولدفعتُ عنه الدّواهي " .**ثمَّ وضعَ عينيهَ ، على أهلهِ الأقربينَ ، واختصهم بوصيةٍ أُخرى ، وقالَ لهم :**" وأنتم : يا معشرَ بني هاشم : أجيبوا مُحمّداً ، وصدقوهُ : تُفلحوا وتُرشدوا " .**هذا كلام : أبي طالبٍ ، هذا كلام الفطرةِ ، هذا كلام العقلِ ، هذا كلام الإدراكِ الحصيفِ ، هذا كلام العقلِ الراجحِ ، ما منْ حديثٍ ، يشدني ، كقولِ النَّبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام :** " أرجحكم عقلاً أشدكم للهِ حباً " ( ورد في الأثر).**دعوةٌ للآباءِ :**تُوفي أبو طالب**، وبقيتْ في خواطرِ سيدّنا عليّ كلمات أبيهِ : " عظموا الكعبة ، صلوا الرّحم ، اتركوا البغي ، أجيبوا الدَّاعي ، كونوا صادقينَ ، عيشوا أمناءَ " ، أي أنهُ ، إذا كانَ منْ المُمكنْ ، أنْ يكون هناكَ مؤشرٌ للإيمانِ ، وهناكَ مؤشرٌ لرجاحةِ العقلِ ، فإنَّ العقربينِ يتحركانِ معاً ، عقرب رجاحة العقل ، يتحرك كما يتحرك عقرب صدق الإيمان , قالَ رسولُ اللهِ عليه الصَّلاة والسَّلام : " أرجحكم عقلاً أشدكم للهِ حباً ". ( ورد في الأثر).**يتبع رجاءاً**جمعها مع التنسيق**عبد الله الراجي لعفوه ورضاه تعالى* سيدُّنا عليٍ عليهِ السَّلام - 1 سيرة سيدّنا عليٍّ بن أبي طالبٍ عليهِ السَّلام مِنْ دروسٍ لفضيلةِ الدكتور : محمد راتب النابلسي حفظه الله تعالى وبارك فيه وبارك في علمه وعمره آمين. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ , والصَّلاة والسَّلام على سيدِّنا مُحمَّدٍ الصَّادقِ الوعدِ الأمينِ , اللهمَّ لا علمَ لنا ، إلا ما علمتنا ، إنكَ أنتَ العليم الحكيم , اللهمَّ علمنا ما ينفعنا , وانفعنا بما علمتنا , وزدنا علماً , وأرنا الحقّ حقّاً , وارزقنا اتباعه , وأرنا الباطل باطلاً , وارزقنا اجتنابه , واجعلنا مِمَنْ يستمعونَ القول فيتبعونَ أحسنهُ , وأدخلنا برحمتكَ في عبادكَ الصَّالحينَ . أُنظرْ كيف تتلاقى الفطرة مع الحقِّ ؟ سيرة الخليفة الراشد ، عليّ كرَّم اللهُ وجهُ , هذا الإمام الفتى ، الذي كانَ أصغرَ ، مَنْ آمنَ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، يومَ كانَ بمكة ، وقبل الهجرة ، لهُ منبتٌ عتيد ، له أبٌ اسمه : أبو طالب ، وجدٌ اسمه : عبد المطلب ، وجميلٌ بنا ، أنْ نقف وقفتينِ ، عندَ هذينِ الأبوينِ ، لهذا الإمام الجليل ، لأننا لو درسنا حياة هذينِ الأبوينِ لوجدنا , ماذا تعني كلمة الفطرة ، التي فُطِر الناس عليها ؟ فهذا الأب الجليل : أبو طالب ، والد سيدّنا عليّ ، حينما كانَ على فراشِ الموتِ ، أوصاهم بهذهِ الوصيةِ ، وانظروا أيَّها الأخوة , كيفَ أنَّ الإنسانَ حينما ، تصفو نفسهُ ، تلوح لهُ الحقيقة ؟ فحياتنا مِنْ كثرةِ التعقيدِ ، ومِنْ كثرةِ القيلِ والقالِ ، ومِنْ كثرةِ المُشكلاتِ ، عكَّرت صفاء فطرتنا ، فهذا الأب الكريم ، وهو على فراشِ الموتِ , يقولُ : " أوصيكم بتعظيمِ هذا البيتِ ، فإنَّ فيهِ مرضاة الرَّب ، وقوام العيشِ " , هذا الرَّجل : لمْ تصلْه دعوة ، بلْ عاشَ على الفطرةِ ، " صِلُوا أرحامكم ولا تقطعوها ، فإنَّ صلةَ الرَّحمِ ـــ منسأةٌ في الأجلِ ، اتركوا البغي ، فقدْ أهلكَ القرونَ مِن قبلكم ", البغي : هو العُدوان ، البغي : هو تجاوز الحد ، البغي : هو الظُلم ، والظلم : ظلماتٌ ، كما تعلمونَ . " يا معشرَ قريشٍ : أجيبوا الدَّاعي ، وأعطوا السائل ، فإنَّ فيهما شرفَ الحياةِ ، وشرفَ المماتِ ", دُعيتَ إلى شيءٍ ــ فأجبْ ، سُئِلتَ ــ فأعطِ ، دُعيتَ إلى حقيقةٍ ناصعةٍ ــ تقبَّلْ ، دُعيتَ إلى خيرٍ عميمٍ ــ فافعلْ ، " عليكم بصدقِ الحديثِ ، وأداءِ الأمانةِ ، ألا وإني ، أوصيكم بمُحمَّدٍ خيراً " , بالفطرة : رأى فتى صادقاً ، أميناً يدعو إلى الخيرِ ، ما جرَّب عليهِ ، قومهُ كذباً قط . أيَّها الأخوة : السَّيدة خديجة ، قالتْ للَّنبيِّ عليهِ الصَّلاة والسَّلام ، يومَ جاءهُ الوحي : " واللهِ لا يخزيكَ اللهُ أبداً ، إنكَ تصل الرَّحم ، وتقري الضيف ، وتحمل الكلّ ، وتعين على نوائبِ الدَّهرِ ، فوَ اللهِ لنْ يخزيكَ اللهُ أبداً " . كيفَ عَرَفَتْ هذهِ الحقيقةِ ؟ الجواب : أيها الأخوة : أنَّ فطرةَ هذهِ المرأة سليمة ، وكلّ واحدٍ منكم ، لو رأى ببساطةٍ بالغة ، شاباً مُستقيماً ، صادقاً أميناً ، مُنضبطَ المشاعر ، مُنضبط الجوارح ، يسعى لخيرِ الناسِ ، ينصحهم ، يعين ضعيفهم ، يغني فقيرهم ، يقدِّم لهم كلَّ ما في وسعهِ ، فإنّ أحدكم ، يحكم ، بأنَّ خالقَ الكون ، سيتولى هذا الشَّاب بالتوفيقِ ، والتأييدِ ، والنصرِ ، لأنَّ اللهَ سُبحانهُ وتعالى يقول : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً ﴾ ( سورة الكهف الآية : 30 ). أيها الأخوة : ما أردتُ ، حينَ اتخذتُ مِن والد سيدِّنا عليّ كرَّمَ اللهُ وجههُ ، وهو عمّ النَّبيّ ، ومنْ أبيهِ عبد المطلب ، وهو جد النَّبيّ ، إلا لأريكم ، كيفَ أنَّ الفطرةَ السَّليمة ، تلتقي مع حقائقِ الدِّينِ ، لقاءً عفوياً ؟ وأنتَ أيُّها الأخ الكريم : بإمكانك أنْ ، تستنتج هذهِ الحقيقةِ ، استقمْ على أمرِ اللهِ ، انصحْ ، اخْدُمْ ، وقدمْ كلَّ ، ما في وسعكَ لخيرِ البشريةِ , " فوَ الله لا يخزيكَ اللهُ أبداً " ، ليسَ في الكونِ إلا الله . وصيّة أبو طالب عندَ المُوتِ لذويهِ باتباعِ مُحمَّد : عندما ، سألَ النجاشي ، سيدّنا جعفرًا رضيَ اللهُ عنهُ ، عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، ماذا قالَ ؟ قالَ : ببساطةٍ : " أَيُّهَا الْمَلِكُ ، كُنَّا قَوْمًا ، أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَنُسِيء الْجِوَارَ ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا ، رَسُولًا مِنَّا ، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا : إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا ، مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ ، وَأَمَرَ بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ، وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ ، لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ ، قَالَ : فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ ، فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ ، عَلَى مَا جَاءَ بِهِ ، فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ ، فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا ، وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا ، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا ، فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا ــ فَعَذَّبُونَا ـــ فَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا ، لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ، مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ ، وَأَنْ نَسْتَحِلَّ ، مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ الْخَبَائِثِ ، وَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَشَقُّوا عَلَيْنَا ، وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا ، خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ ، وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ ، وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ ، وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ " . ( أخرجه أحمد : عَنْ أُمِّ سَلَمَة ، في مسنده ). عفّةٌ عنْ المَحارمِ ، عفّةٌ عنْ المطامعِ ، نسبٌ عريقٌ ، كريمٌ بن كريم بن كريم بن كريم ، ما عرفَ النَّبيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، في سلالتهِ الطاهرة ِ، إلا كلَّ محتدٍ عريق ونسبٍ عظيم ٍ. قالَ أبو طالب : " ألا وإنِّي ، أوصيكم بمُحمّدٍ خيراً ، فإنّهُ الأمين ، في قريشٍ والصّادق في العربِ ، وهو الجامع لكلِّ ما أوصيكم بهِ ، وقدْ جاءنا بأمرٍ ، قبلهُ الجنان ، وأنكرهُ اللسان " , القلب قَبِلَه ، لأنَّ الذي جاءَ بهِ النَّبيّ عليه الصَّلاة والسَّلام مُطابقٌ للفطرةِ ، جاءنا بأمرٍ مُطابقٍ للعقلِ ، مُطابقٍ للخيرِ ، مُطابقٍ للحقِّ , هذا حال قريشِ ، حينما تلقَّتْ دعوة النَّبيِّ ، قلبها قبلَ هذهِ الدّعوة ِ، ولسانها أنكرَ هذهِ الدّعوة ، مخافة ، أنْ تدع دين آبائها وأجدادها ، و يخسر زعماؤها مراكزَهم , " وايم اللهِ : لكأنِّي ، أنظرُ إلى صعاليكِ العربِ ، وأهلِ الأطرافِ ، والمُستضعفينَ منْ الناسِ ، قدْ أجابوا دعوته ، وصدَّقوا كلمته ، وعظَّموا أمره ، فخاضَ بهم غمرات الموتِ ، ولكأنِّي بهِ ، وقدْ محضتهُ العرب ودادها ، وأعطتهُ قيادها " . ما هذا التنبُّؤ ؟ ما هذا الإدراك العميق ؟ ما هذا الاستشفاف للمُستقبل ؟ لذلك الصعلوك ، الذي لا يعرف أحدٌ نسبهُ ، إذا عرفَ الله عزَّ وجلَّ ــــ رفعهُ اللهُ ، إلى أعلى عليين ، وخفض مَنْ زها ، على الناسِ بنسبهِ وبمالهِ وبمكانتهِ ــــــ إلى أسفلِ سافلينَ . منْ هو صهيبٌ ؟ ومنْ هو بلالٌ ؟ ومنْ هم هؤلاءِ الصّحابةِ ، الفقراء الصّغار ، الذين كانوا مُستضعفينَ في الأرضِ ؟ كلماتٌ بليغةٌ بليغة ، دقيقةٌ دقيقة ، عميقةٌ عميقة : قالها أبو طالب ، عمّ النَّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وهو على فراشِ الموتِ , وهو والد سيدّنا عليّ كرَّم اللهُ وجههُ ، يقول أبو طالب : " والله لا يسلك أحدٌ سبيله إلا رشد ، ولا يهتدي بهديه إلا سعد ، ولو كان في العمر بقية ، لكففتُ عنه الهزاهز ، ولدفعتُ عنه الدّواهي " . ثمَّ وضعَ عينيهَ ، على أهلهِ الأقربينَ ، واختصهم بوصيةٍ أُخرى ، وقالَ لهم : " وأنتم : يا معشرَ بني هاشم : أجيبوا مُحمّداً ، وصدقوهُ : تُفلحوا وتُرشدوا " . هذا كلام : أبي طالبٍ ، هذا كلام الفطرةِ ، هذا كلام العقلِ ، هذا كلام الإدراكِ الحصيفِ ، هذا كلام العقلِ الراجحِ ، ما منْ حديثٍ ، يشدني ، كقولِ النَّبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام : " أرجحكم عقلاً أشدكم للهِ حباً " ( ورد في الأثر). دعوةٌ للآباءِ : تُوفي أبو طالب، وبقيتْ في خواطرِ سيدّنا عليّ كلمات أبيهِ : " عظموا الكعبة ، صلوا الرّحم ، اتركوا البغي ، أجيبوا الدَّاعي ، كونوا صادقينَ ، عيشوا أمناءَ " ، أي أنهُ ، إذا كانَ منْ المُمكنْ ، أنْ يكون هناكَ مؤشرٌ للإيمانِ ، وهناكَ مؤشرٌ لرجاحةِ العقلِ ، فإنَّ العقربينِ يتحركانِ معاً ، عقرب رجاحة العقل ، يتحرك كما يتحرك عقرب صدق الإيمان , قالَ رسولُ اللهِ عليه الصَّلاة والسَّلام : " أرجحكم عقلاً أشدكم للهِ حباً ". ( ورد في الأثر). يتبع رجاءاً جمعها مع التنسيق عبد الله الراجي لعفوه ورضاه تعالى 2013 - 2014 - 2015 - 2016 |
الساعة الآن 12:09 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By khloool